المقالات

في زمن الضجـ.ـيج.. من يفهمنا ؟


بقلم: محمد محمود الشريف

في زمنٍ امتلأ بكل أنواع الض.جيج، بات الإنصات عملة نادرة، والفهم الصادق أملًا نبحث عنه وسط زحام الكلام.

في عالم بات فيه كل شيء سريعًا، حتى المشاعر، أصبحت القدرة على الفهم الحقيقي للآخر عملة نادرة. نتحدث كثيرًا، نضحك كثيرًا، نعيش على مقا طع قصيرة وردود أسرع… لكننا نفتقد شيئًا أثمن من كل ذلك: الإنصات.

لماذا أصبح من النادر أن نجد من يفهمنا؟
هذا السؤال يتردد في أذهان كثيرين دون أن يُنطق. فكم من مرة تحدثنا ولم نجد من يُصغي؟ وكم من مرة شرحنا ألمنا، فكان الرد عابرًا، باردًا، لا يُداوي ولا يُنقذ؟

في الماضي، لم تكن الكلمات وحدها وسيلة للتواصل. كانت النظرات، السكتات، وحتى التعب… لها لغة يفهمها من يحب. اليوم، يبدو أن لغة القلوب صارت غريبة، وأن الاستماع صار رفاهية لا يقدر عليها كثيرون.

لكن، لعلّ المشكلة لا تكمن فقط في “الآخرين”.
ربما نحن أيضًا أصبحنا نخجل من البوح، ونخاف من الظهور بمظهر الضعيف، فنتوارى خلف أقنعة القوة الزا ئفة. نضحك ونحن ننه.ار، ونتظاهر بالتماسك ونحن نحتاج إلى من يُمسك بأيدينا.

وفي خضم هذا التباعد العاطفي، نكتشف أن وجود شخص يفهمك دون شرح طويل، يُنصت إليك دون ملل، يُصدّق مشاعرك دون شك… بات أمرًا نادرًا، بل كنزًا إنسانيًا يجب التمسك به.

فهل لا زلنا نملك القدرة على الفهم الحقيقي؟ وهل نسعى لنكون ممن يُصغون ويحتوون، لا ممن يحكمون ويُسكتون؟

ربما لا نستطيع تغيير الواقع دفعة واحدة،
لكننا نستطيع أن نبدأ بأنفسنا.
نُصغي بقلوبنا، لا بآذاننا فقط.
نحتوي من حولنا، ونمنحهم ما نتمناه لأنفسنا: فهمًا، وصدقًا، وراحة.

فلنكن ذلك التغيير الإنساني الصغير…
الذي يصنع فرقًا كبيرًا في حياة من حوله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى