بقلم / محمد جابر

ما بين الدجل المقنع بالألقاب وتزييف الشهادات وادعاء الخبرة في مجالات تتعلق بصحة الإنسان النفسية والعقلية نحن أمام كارثه وأزمة أخلاقية تهدد ثقة المواطن في العلم ومؤسساته إن السكوت عن هؤلاء يعد خيانة للحقيقة وإن النهوض بالوعي العلمي ضرورة لا ترفا
فليس من العقل أن نترك الساحة لمن يبيعون الوهم بينما العقول النابهة تقصى ويضيق عليها الخناق
في الآونة الأخيرة وتحديدا في مدينة الإسكندرية شهد المجتمع طفرة مثيرة للجدل من المؤتمرات والملتقيات التي ترفع شعارات براقة وتعنون تحت مظلة التدريب النفسي و تعديل السلوك والتنمية البشرية ويعتلي منصاتها من يزعمون حملهم للقب .دكتور .
دونما سند أكاديمي موثق أو تأهيل علمي رصين هذه الظاهرة الآخذة في التمدد تنذر بكارثة أخلاقية ومجتمعية وعلمية ما لم يتم التصدي لها بقوة القانون وصوت العقل
لقد بات من المعتاد أن نرى على وسائل التواصل الاجتماعي أو في الشوارع إعلانات لمراكز تدريب تحمل أسماء رنانة مثل أكاديمية كذا الدولية ومركز العلاج بالطاقة ومركز تعديل السلوك للأطفال يتزعمها أفراد بلا مؤهلات طبية أو نفسية حقيقية مدعين قدرتهم على معالجة الاكتئاب القلق و الرهاب واضطرابات النمو دون إشراف علمي ودون ترخيص قانوني.
وقد أكد المجلس القومي للصحة النفسية في مصر في عدة بيانات أن ممارسة العلاج النفسي دون ترخيص تعد جريمة يعاقب عليها القانون وتعرض حياة المواطنين للخطر وهو ما يتجاهله الكثير من هؤلاء الأدعياء عن عمد.
اين جهات الرقابه اين المحاسبه
إن القبول المجتمعي لهذه الظاهرة والذي يتجلى في امتلاء القاعات بالحضور وامتهان التصفيق لكل من يعتلي المنصة واختيارهم منصات تجارية داخل اماكن حكومية لأصباغها بطابع ما .علي مرئي ومسمع من القائمين وهذا يكشف عن خلل عميق في الوعي الجمعي والثقافة العلمية
فهل يعقل أن يمنح شخص لم يتخرج من كلية الطب أو علم النفس أو علم الاجتماع حق التعامل مع النفس البشرية وتوجيهها وتعديل سلوكها
بل هناك ما هو أدني من ذلك وكل ذي عقل يدرك ذلك
يرى أستاذ علم النفس الإكلينيكي الدكتور محمد شعلان .جامعة الإسكندرية.أن الفراغ المعرفي والرغبة في التغيير دون بحث منهجي جعل من المجتمع بيئة خصبة لظهور أنصاف المتعلمين والافاقين والمرتزقة والدجالين الذين يوهمون الناس بقدرتهم على تحقيق السعادة والنجاح والشفاء دون علم أو علاج حقيقي.
الواقع أن هذه الظاهرة ما كانت لتتجذر في المجتمع لولا وجود بيئة جاهزة لتقبل الخداع فالتعليم التقليدي القائم على التلقين وتراجع القراءة وإدمان الشاشات كلها عوامل ساعدت في إضعاف الحس النقدي لدى المواطن وهكذا لم يعد مستغربا أن يخدع العاقل بعبارات مثل استشاري طاقة حيوية
أو معالج معتمد من جامعة كندية غير معترف بها
وكأن الألقاب بحد ذاتها تكفي بديلا عن الخبرة والدراسة
إن ما يدعو للأسى أن من يرفض هذا الزيف يجد نفسه معزولا وكأن المجتمع يعاقبه على وعيه وكأن التفكير النقدي صار نوعا من الخروج عن المألوف ولكن هل نحن عاجزون فعلا عن إيقاف هذا العبث
أليس من واجب النقابات المهنية ووزارتي التعليم العالي والصحة والمجالس المتخصصة أن تراقب وتحاسب
مصادر .
المجلس القومي للصحة النفسية بيان رسمي 2023
فتحي يحيى. الموسوعة القانونية المصرية دار الفاروق 2022.
وزارة الصحة المصرية دليل تراخيص المهن النفسية 2021.
نقابة الأطباء
تحذير من
مدعي الطب النفسي
منشور رسمي 2022.