يحي خليفه يكتب
كن جابراً للخواطر
جبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس وعظمة قلب وسلامة صدر ورجاحة عقل، يجبر المسلم فيه نفوساً كسرت وقلوباً فطرت وأجساماً أرهقت وأشخاص أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها. يقول الإمام سفيان الثوري: “ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم”. في هذا المقال أجمل ما قيل عن جبر الخواطر.
ومن واقعنا العملي نماذج كثيرة شرعها ديننا الحنيف لجبر الخواطر وتطييب النفوس، لأجل ذلك كان من السنة تعزية أهل الميت وتسليتهم ومواساتهم وتخفيف الألم الذي أصابهم عند فقد ميّتهم. وكذلك عند مشاهدة بعض الفقراء أو اليتامى شيء من قسمة الميراث فمن الأفضل أن يخصص لهم من المال شيئا يجبر خاطرهم ويسد حاجتهم حتى لا يبقى في نفوسهم شيء،
أجمل تطييب للخاطر وأرقى صورة للتعامل قال ابن قدامه -رحمه الله-: “وكان من توجيهات ربنا -سبحانه وتعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم، فكما كنت يتيماً يا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فآواك الله، فلا تقهر اليتيم، ولا تذله، بل: طيب خاطره، وأحسن إليه، وتلطف به، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك، فنهى الله عن نهر السائل وتقريعه، بل: أمر بالتلطف معه، وتطييب خاطره، حتى لا يذوق ذل النهر مع ذل السؤال”.
جبر الخواطر هو رفع همه الشخص أو تهوين مصيبتة والأخذ بيدية حتي يمر بمصيبتة ، ورفع همه الشخص قد تكون بالنصيحة أو الإبتسامة أو الصدقة ، وجبر الخواطر من المعاملات الإسلامية التي يجب أن يتحلي بها كل مسلم وكل شخص عموماً بعيد عن ديانتة ، ومن يعمل علي جبر الخواطر فهو بالتأكيد شخص شهم ومعدنة أصيل .
لذلك هناك الكثير من الأشكال لجبر الخواطر، الأشخاص الذين يقومون بجبر خواطر الناس هم أشخاص أصحاب قلوب بيضاء في زمن قد قل فيه نوعية هؤلاء الأشخاص وقد كان رسول الله – صلي الله عليه وسلم – يجبر بخواطر كل الناس، حيث كانت هناك امرأة عجوزة ترغب في الصلاة في المسجد خلف النبي ولكنها لا تستطيع الذهاب إلى المسجد فهي عجوزة للغاية، فذهب رسول الله – صلي الله عليه وسلم – إلى بيتها مع خادمة وصلي بها هناك وجبر بخاطرها.
من سار بين الناس جابرا للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر : وهو قول مأثور شهير ما بين الناس ، ومعناه أن من يلتزم بجبر خاطر الغير طوال حياته بينهم ، ينقذه الله عز وجل من أي مخاطر أو أذى قد يتعرض له وهو وحيد ، فهنا يرد الله له ما قدّمه لعباده ، ويؤته ثواب جبر الخواطر .